عائدا من جامعتي .. جامعة حلوان نزلت في محطة السادات لأستقل القطار المتجه إلى شبرا الخيمة .. وعلى عكس عادتي سرت سيرا وئيدا على الرغم من توقي لأسرتي وخاصة أخي الصغير محمد!! لا أدري سببا لتمهلي .. أهو الزحام ، أم ثقل الحقيبة التي ضاقت بملابسي .. نزلت إلى رصيف القطار الثاني.. ووجدت القطار واقفا إلا أني لم أحاول الركوب وإلا هلكت وسط الزحام ..
(رباه ما هذا الحر؟ ألسنا في الشتاء؟ )
مضيت في طريقي حتى أول الرصيف وبالتحديد قبل العربات المخصصة للسيدات .. فهناك باب إذا ما وصلت محطة شبرا الخيمة إذا نزلت منه أجد نفسي أمام سلم يؤدي للدور العلوي ..
وبعد فترة ليست بالقليلة أتى قطار .. وانفتحت أبوابه .. وكأن بداخله آلة شفط جبارة .. لم تدع أحدا على رصيف المحطة .. لم أكن أتوقع إمكانية وقوفي على قدمين داخله .
وحالما صعدت عثرت عيناي بوجهٍ غانٍ. ظللت أتَرَنَّى إليها حتى تلاقت العيون .. وأعود أنظر .. وتعود تنظر .. وبعد .. كلما نظرت إليها وجدتها إلي ناظرة ، واتخدت من زجاج القطار مرآة لي :
( إنها مفتونة بك ولا شك !! )
محطة محمد نجيب .. اقتربت قليلا مني بفعل أمواج البشر .. نحن الآن في وقت الذروة .. وخلا مقعد أمامي فجلست .. كم كنت متعبا، فاسترحت بجلوسها، وخلا مقعد آخر جوارها .. لو
قُدِّرَ لي أن أقتل ألْفًا لأجلس فيه لفعلت .. وبدون إراقة قطرة دم واحدة جلست .. كنت تنتعل حذاء أسود .. أعتقد أنه لا يلامس الأرض لرشاقتها .. وبنطالا أسود .. وحجابا نيليا .. وكذلك
بلوزة نيلية .. وكانت تضع على يديها معطفا أبيض .. كان يفصلني عنها 10 سم .. فجلس طفل إلى يسارها فانْمَحت السنتيمترات العشرة .. واتخدت المعطف الأبيض إلى الكلام سبيلا ..
- أأنت في كلية العلوم .. ( قُتِلْتَ ما أجرأك ..)
فقالت بصوت رخيم مستفهمة : نعم ؟
وارتعدت شجاعتي نفسها .. ( ماذا دهاك يا فُرَافِص .. ) لحظة مرت كدهر علي .. لم أفق إلا بعدما سمعت إجابتها ..
" لا أنا في كلية طب الأسنان "
فأدركت أني قد كررت سؤالي .. متى وكيف لا أدري
- جامعة حلوان ؟
- لا ، جامعة القاهرة !
لا بد أن تكون في أي جامعة غير حلوان .. لأن جامعة حلوان ليس بها أي كلية طب .. لكن كنت أتمنى أن تكون في جامعة حلوان..
وسكتنا ..
( يا لك من ثرثار أنت يا من تحمل الجريدة فليذهب الدوري المصري إلى الجحيم ) ..
" إنها محطة مسرة " قلتها عندما نظرت خلفها لترى أين وصل القطار .. صارخا لعل هذا البارد يصمت وبالفعل صمت وليس لأني صرخت ولكن من كان يحادثه نزل
فردت هي بصوت كأنه أعذب الألحان : شكرا
- أحمد كلية الآداب الفرقة الرابعة
- ...... طب الأسنان الفرقة الثانية .
قالتها ناهضة استعدادا للنزول ..
تبا لكم وتعسا لم أسمع اسمها جيدا .. ريم .. قالت : ريم .. نعم قالت ريم
وماذا عن رقم التليفون أو حتى العنوان
وظللت أنظر إلى الباب الذي نزلت منه حتى أعلن السائق نهاية الخط .. ومخالفا للتخطيط المسبق .. لم يواجه بابي السلم أبدا